الصفحة الرئيسية
>
شجرة التصنيفات
كتاب: فتح الباري شرح صحيح البخاري **
*3* هَلْ عَلَى الْحَاكِمِ أَنْ يَبْعَثَ إِلَيْهَا فَيَسْأَلَهَا عَمَّا رُمِيَتْ بِهِ الشرح: قوله (باب إذا رمى امرأته أو امرأة غيره بالزنا عند الحاكم والناس هل على الحاكم أن يبعث إليها فيسألها عما رميت به) ذكر قصة العسيف، وقد تقدم شرحه مستوفي، والحكم المذكور ظاهر فيمن قذف امرأة غيره، وأما من قذف امرأته فكأنه أخذه من كون زوج المرأة كان حاضرا ولم ينكر ذلك، وأشار بقوله " هل على الإمام " إلى الخلاف في ذلك، والجمهور على أن ذلك بحسب ما يراه الإمام. قال النووي: الأصح عندنا وجوبه والحجة فيه بعث أنيس إلى المرأة، وتعقب بأنه فعل وقع في واقعة حال لا دلالة فيه على الوجوب لاحتمال أن يكون سبب البعث ما وقع بين زوجها وبين والد العسيف من الخصام والمصالحة على الحد واشتهار القصة حتى صرح والد العسيف بما صرح به ولم ينكر عليه زوجها، فالإرسال إلى هذه يختص بمن كان على مثل حالها من التهمة القوية بالفجور، وإنما علق على اعترافها لأن حد الزنا لا يثبت في مثلها إلا بالإقرار لتعذر إقامة البينة على ذلك، وقد تقدم شرح الحدث مستوفي، وذكرت ما قيل من الحكمة في إرسال أنيس إلى المرأة المذكورة، وفي الموطأ أن عمر أتاه رجل فأخبره أنه وجد مع امرأته رجلا فبعث إليها أبا واقد فسألها عما قال زوجها وأعلمها أنه لا يؤخذ بقوله فاعترفت، فأمر بها عمر فرجمت. قال ابن بطال: أجمع العلماء على أن من قذف امرأته أو امرأة غيره بالزنا فلم يأت عل ذلك ببينة أن عليه الحد، إلا إن أقر المقذوف، فلهذا يجب على الإمام أن يبعث إلى المرأة يسألها عن ذلك، ولو لم تعترف المرأة في قصة العسيف لوجب على والد العسيف حد القذف. ومما يتفرع عن ذلك لو اعترف رجل بأنه زنى بامرأة معينة فأنكرت هل يجب عليه حد الزنا وحد القذف أو حد القذف فقط؟ قال بالأول مالك وبالثاني أبو حنيفة. وقال الشافعي وصاحبا أبي حنيفة: من أقر منهما فإنما عليه حد الزنا فقط، والحجة فيه أنه إن كان صدق في نفس الأمر فلا حد عليه لقذفها، وإن كان كذب. فليس بزان وإنما يجب عليه حد الزنا لأن كل من أقر على نفسه وعلى غيره لزمه ما أقر به على نفسه وهو مدع فيما أقر به على غيره فيؤاخذ بإقراره على نفسه دون غيره. الحديث: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنْ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ بْنِ مَسْعُودٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ وَزَيْدِ بْنِ خَالِدٍ أَنَّهُمَا أَخْبَرَاهُ أَنَّ رَجُلَيْنِ اخْتَصَمَا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ أَحَدُهُمَا اقْضِ بَيْنَنَا بِكِتَابِ اللَّهِ وَقَالَ الْآخَرُ وَهُوَ أَفْقَهُهُمَا أَجَلْ يَا رَسُولَ اللَّهِ فَاقْضِ بَيْنَنَا بِكِتَابِ اللَّهِ وَأْذَنْ لِي أَنْ أَتَكَلَّمَ قَالَ تَكَلَّمْ قَالَ إِنَّ ابْنِي كَانَ عَسِيفًا عَلَى هَذَا قَالَ مَالِكٌ وَالْعَسِيفُ الْأَجِيرُ فَزَنَى بِامْرَأَتِهِ فَأَخْبَرُونِي أَنَّ عَلَى ابْنِي الرَّجْمَ فَافْتَدَيْتُ مِنْهُ بِمِائَةِ شَاةٍ وَبِجَارِيَةٍ لِي ثُمَّ إِنِّي سَأَلْتُ أَهْلَ الْعِلْمِ فَأَخْبَرُونِي أَنَّ مَا عَلَى ابْنِي جَلْدُ مِائَةٍ وَتَغْرِيبُ عَامٍ وَإِنَّمَا الرَّجْمُ عَلَى امْرَأَتِهِ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَمَا وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَأَقْضِيَنَّ بَيْنَكُمَا بِكِتَابِ اللَّهِ أَمَّا غَنَمُكَ وَجَارِيَتُكَ فَرَدٌّ عَلَيْكَ وَجَلَدَ ابْنَهُ مِائَةً وَغَرَّبَهُ عَامًا وَأَمَرَ أُنَيْسًا الْأَسْلَمِيَّ أَنْ يَأْتِيَ امْرَأَةَ الْآخَرِ فَإِنْ اعْتَرَفَتْ فَارْجُمْهَا فَاعْتَرَفَتْ فَرَجَمَهَا الشرح: ذكر قصة العسيف، قد تقدم شرحه مستوفي، والحكم المذكور ظاهر فيمن قذف امرأة غيره، وأما من قذف امرأته فكأنه أخذه من كون زوج المرأة كان حاضرا ولم ينكر ذلك، وأشار بقوله " هل على الإمام " إلى الخلاف في ذلك، والجمهور على أن ذلك بحسب ما يراه الإمام. قال النووي: الأصح عندنا وجوبه والحجة فيه بعث أنيس إلى المرأة، وتعقب بأنه فعل وقع في واقعة حال لا دلالة فيه على الوجوب لاحتمال أن يكون سبب البعث ما وقع بين زوجها وبين والد العسيف من الخصام والمصالحة على الحد واشتهار القصة حتى صرح والد العسيف بما صرح به ولم ينكر عليه زوجها، فالإرسال إلى هذه يختص بمن كان على مثل حالها من التهمة القوية بالفجور، وإنما علق على اعترافها لأن حد الزنا لا يثبت في مثلها إلا بالإقرار لتعذر إقامة البينة على ذلك، وقد تقدم شرح الحدث مستوفي. *3* وَقَالَ أَبُو سَعِيدٍ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا صَلَّى فَأَرَادَ أَحَدٌ أَنْ يَمُرَّ بَيْنَ يَدَيْهِ فَلْيَدْفَعْهُ فَإِنْ أَبَى فَلْيُقَاتِلْهُ وَفَعَلَهُ أَبُو سَعِيدٍ الشرح: قوله (باب من أدب أهله أو غيره دون السلطان) أي دون إذنه له في ذلك. هذه الترجمة معقودة لبيان الخلاف هل يحتاج من وجب عليه الحد من الأرقاء إلى أن يستأذن سيده الإمام في إقامة الحد عليه، أو له أن يقيم ذلك بغير مشورة؟ وقد تقدم بيانه في " باب إذا زنت الأمة". قوله (وقال أبو سعيد عن النبي صلى الله عليه وسلم " إذا صلى لأراد أحد أن يمر بين يديه فليدفعه، فإن أبى فليقاتله " وفعله أبو سعيد) هذا مختصر من الحديث الذي تقدم موصولا في " باب يرد المصلي من مر بين يديه " ولفظه " فإن أراد أن يجتاز بين يديه فليدفعه، فإن أبى فليقاتله فإنما هو شيطان " أخرجه من طريق أبي صالح عن أبي سعيد. وأما قوله " وفعله أبو سعيد " فهو في الباب المذكور بلفظ " رأيت أبا سعيد يصلي وأراد شاب أن تجتاز بين يديه فدفع أبو سعيد في صدره " وقد تقدم شرحه مستوفي هناك والغرض منه أن الخبر ورد بالإذن للمصلي أن يؤدب المجتاز بالدفع ولا يحتاج في ذلك إلى إذن الحاكم، وفعله أبو سعيد الخدري ولم ينكر عليه مروان، بل استفهمه عن السبب، فلما ذكره له أقره على ذلك. الحديث: حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ حَدَّثَنِي مَالِكٌ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْقَاسِمِ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ جَاءَ أَبُو بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ وَرَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَاضِعٌ رَأْسَهُ عَلَى فَخِذِي فَقَالَ حَبَسْتِ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَالنَّاسَ وَلَيْسُوا عَلَى مَاءٍ فَعَاتَبَنِي وَجَعَلَ يَطْعُنُ بِيَدِهِ فِي خَاصِرَتِي وَلَا يَمْنَعُنِي مِنْ التَّحَرُّكِ إِلَّا مَكَانُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَنْزَلَ اللَّهُ آيَةَ التَّيَمُّمِ الشرح: ذكر حديث عائشة في سبب نزول آية التيمم من وجهين عن عبد الرحمن بن القاسم عن أبيه عنها، وقد تقدمت طريق مالك في تفسير سورة المائدة وطريق عمرو بن الحارث عقبها. الحديث: حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سُلَيْمَانَ حَدَّثَنِي ابْنُ وَهْبٍ أَخْبَرَنِي عَمْرٌو أَنَّ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ الْقَاسِمِ حَدَّثَهُ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ أَقْبَلَ أَبُو بَكْرٍ فَلَكَزَنِي لَكْزَةً شَدِيدَةً وَقَالَ حَبَسْتِ النَّاسَ فِي قِلَادَةٍ فَبِي الْمَوْتُ لِمَكَانِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقَدْ أَوْجَعَنِي نَحْوَهُ لَكَزَ وَوَكَزَ وَاحِدٌ الشرح: قوله (لكز ووكز واحد) أي بمعنى واحد، ثبت هذا في رواية المستملي، وهو من كلام أبي عبيدة قال: الوكز في الصدر بجمع الكف ولهزه مثله وهو اللكز. قال ابن بطال: في هذين الحديثين دلالة على جواز تأديب الرجل أهله وغير أهله بحضرة السلطان ولو لم يأذن له إذا كان ذلك في حق. وفي معنى تأديب الأهل تأديب الرقيق، وقد تقدمت الإشارة إليه في " باب لا تثريب على الأمة". *3* الشرح: قول (باب من رأى مع امرأته رجلا فقتله) كذا أطلق ولم يبين الحكم، وقد اختلف فيه: فقال الجمهور عليه القود. وقال أحمد وإسحاق إن أقام بينة أنه وجده مع امرأته هدر دمه. وقال الشافعي يسعه فيما بينه وبين الله قتل الرجل إن كان ثيبا وعلم أنه نال منها ما يوجب الغسل، ولكن لا يسقط عنه القود في ظاهر الحكم. وقد أخرج عبد الرزاق بسند صحيح إلى هانئ بن حزام " أن رجلا وجد مع امرأته رجلا فقتلهما، فكتب عمر كتابا في العلانية أن يقيدوه به وكتابا في السر أن يعطوه الدية " وقال ابن المنذر: جاءت الأخبار عن عمر في ذلك مختلفة وعامة أسانيدها منقطعة، وقد ثبت عن علي أنه سئل عن رجل قتل رجلا وجده مع امرأته فقال: إن لم يأت بأربعة شهداء وإلا فليغط برمته، قال الشافعي: وبهذا نأخذ، ولا نعلم لعلى مخالفا في ذلك. الحديث: حَدَّثَنَا مُوسَى حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْمَلِكِ عَنْ وَرَّادٍ كَاتِبِ الْمُغِيرَةِ عَنْ الْمُغِيرَةِ قَالَ قَالَ سَعْدُ بْنُ عُبَادَةَ لَوْ رَأَيْتُ رَجُلًا مَعَ امْرَأَتِي لَضَرَبْتُهُ بِالسَّيْفِ غَيْرَ مُصْفَحٍ فَبَلَغَ ذَلِكَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ أَتَعْجَبُونَ مِنْ غَيْرَةِ سَعْدٍ لَأَنَا أَغْيَرُ مِنْهُ وَاللَّهُ أَغْيَرُ مِنِّي الشرح: قوله (حدثنا موسى) هو ابن إسماعيل وعبد الملك هو ابن عمير ووراد هو كاتب المغيرة بن شعبة، وثبت كذلك لغير أبي ذر. قوله (قال سعد بن عبادة) هو الأنصاري سيد الخزرج. قوله (لو رأيت رجلا مع امرأتي لضربته بالسيف) كذا في هذه الرواية بالجزم، وفي حديث أبي هريرة عند مسلم " أن سعد بن عبادة قال: يا رسول الله أرأيت إن وجدت مع امرأتي رجلا أمهل حتى آتى بأربعة شهداء " الحديث، وله من وجه آخر " فقال سعد: كلا والذي بعثك بالحق، إن كنت لأعاجله بالسيف قبل ذلك " ولأبي داود من هذا الوجه " أن سعد بن عبادة قال: يا رسول الله الرجل يجد مع أهله رجلا فيقتله؟ قال: لا. قال: بلى والذي أكرمك بالحق " وأخرج الطبراني من حديث عبادة بن الصامت " لما نزلت آية الرجم قال النبي صلى الله عليه وسلم: إن الله قد جعل لهن سبيلا " الحديث وفيه " فقال أناس لسعد بن عبادة: يا أبا ثابت قد نزلت الحدود، أرأيت لو وجدت مع امرأتك رجلا كيف كنت صانعا؟ قال: كنت ضاربه بالسيف حتى يسكنا، فأنا أذهب وأجمع أربعة؟ فإلى ذلك قد قضى الخائب حاجته فانطلق، وأقول: رأيت فلانا فيجلدوني ولا يقبلون لي شهادة أبدا، فذكروا ذلك لرسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: كفى بالسيف شاهدا ثم قال: لولا أني أخاف أن يتتابع فيها السكران. والغيران " وقد تقدم شرح هذا الحديث في " باب الغيرة " في أواخر كتاب النكاح ويأتي الكلام على قوله " والله أغير مني " في كتاب التوحيد. وفي الحديث أن الأحكام الشرعية لا تعارض بالرأي. *3* الشرح: قوله (باب ما جاء في التعريض) بعين مهملة وضاد معجمة، قال الراغب: هو كلام له وجهان ظاهر وباطن، فيقصد قائله الباطن ويظهر إرادة الظاهر، وتقدم شيء من الكلام فيه في " باب التعريض بنفي الولد " من كتاب اللعان في شرح حدث أبي هريرة في قصة الأعرابي الذي قال " إن امرأتي ولدت غلاما أسود " الحديث، وذكرت هناك ما قيل في اسمه وبيان الاختلاف في حكم التعريض، وأن الشافعي استدل بهذا الحديث على أن التعريض بالقذف لا يعطي حكم التصريح، فتبعه البخاري حيث أورد هذا الحديث في الموضوعين، وقد وقع في آخر رواية معمر التي أشرت إليها هناك " ولم يرخص له في الانتفاء منه " وقول الزهري: إنما تكون الملاعنة إذا قال رأيت الفاحشة، قال ابن بطال: احتج الشافعي بأن التعريض في خطبة المعتدة جائز مع تحريم التصريح بخطبتها، فدل على افتراق حكمها، قال وأجاب القاضي إسماعيل بأن التعريض بالخطبة جائز لأن النكاح لا يكون إلا بين اثنين، فإذا صرح بالخطبة وقع عليه الجواب بالإيجاب أو الوعد فمنع، وإذا عوض فأفهم أن المرأة من حاجته لم يحتج إلى جواب، والتعريض بالقذف يقع من الواحد ولا يفتقر إلى جواب، فهو قاذف من غير أن يخفيه عن أحد فقام مقام الصريح، كذا فرق، ويعكر عليه أن الحد يدفع بالشبهة والتعريض يحتمل الأمرين، بل عدم القذف فيه هو الظاهر وإلا لما كان تعريضا، ومن لم يقل بالحد في التعريض يقول بالتأديب فيه لأن في التعريض أذى المسلم، وقد أجمعوا على تأديب من وجد مع امرأة أجنبية في بيت والباب مغلق عليهما، وقد ثبت عن إبراهيم النخعي أنه قال في التعريض عقوبة. وقال عبد الرزاق " أنبأنا ابن جريج قلت لعطاء: فالتعريض؟ قال: ليس فيه حد، قال عطاء وعمرو بن دينار: فيه نكال " ونقل ابن التين عن الداودي أنه قال تبويب البخاري غير معتدل، قال: ولو قال: ما جاء في ذكر ما يقع في النفوس عندما يرى ما ينكره لكان صوابا. قلت: ولو سكت عن هذا لكان هو الصواب، قال ابن التين: وقد انفصل المالكية عن حديث الباب بأن الأعرابي إنما جاء مستفتيا ولم يرد بتعريضه قذفا. وحاصله أن القذف في التعريض إنما يثبت على من عرف من إرادته القذف، وهذا يقوى أن لا حد في التعريض لتعذر الاطلاع على الإرادة، والله سبحانه وتعالى أعلم. الحديث: حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ حَدَّثَنِي مَالِكٌ عَنْ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جَاءَهُ أَعْرَابِيٌّ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ امْرَأَتِي وَلَدَتْ غُلَامًا أَسْوَدَ فَقَالَ هَلْ لَكَ مِنْ إِبِلٍ قَالَ نَعَمْ قَالَ مَا أَلْوَانُهَا قَالَ حُمْرٌ قَالَ هَلْ فِيهَا مِنْ أَوْرَقَ قَالَ نَعَمْ قَالَ فَأَنَّى كَانَ ذَلِكَ قَالَ أُرَاهُ عِرْقٌ نَزَعَهُ قَالَ فَلَعَلَّ ابْنَكَ هَذَا نَزَعَهُ عِرْقٌ الشرح: قوله (باب ما جاء في التعريض) بعين مهملة وضاد معجمة، قال الراغب: هو كلام له وجهان ظاهر وباطن، فيقصد قائله الباطن ويظهر إرادة الظاهر، وتقدم شيء من الكلام فيه في " باب التعريض بنفي الولد " من كتاب اللعان في شرح حدث أبي هريرة في قصة الأعرابي الذي قال " إن امرأتي ولدت غلاما أسود " الحديث، وذكرت هناك ما قيل في اسمه وبيان الاختلاف في حكم التعريض، وأن الشافعي استدل بهذا الحديث على أن التعريض بالقذف لا يعطي حكم التصريح، فتبعه البخاري حيث أورد هذا الحديث في الموضوعين، وقد وقع في آخر رواية معمر التي أشرت إليها هناك " ولم يرخص له في الانتفاء منه " وقول الزهري: إنما تكون الملاعنة إذا قال رأيت الفاحشة، قال ابن بطال: احتج الشافعي بأن التعريض في خطبة المعتدة جائز مع تحريم التصريح بخطبتها، فدل على افتراق حكمها، قال وأجاب القاضي إسماعيل بأن التعريض بالخطبة جائز لأن النكاح لا يكون إلا بين اثنين، فإذا صرح بالخطبة وقع عليه الجواب بالإيجاب أو الوعد فمنع، وإذا عوض فأفهم أن المرأة من حاجته لم يحتج إلى جواب، والتعريض بالقذف يقع من الواحد ولا يفتقر إلى جواب، فهو قاذف من غير أن يخفيه عن أحد فقام مقام الصريح، كذا فرق، ويعكر عليه أن الحد يدفع بالشبهة والتعريض يحتمل الأمرين، بل عدم القذف فيه هو الظاهر وإلا لما كان تعريضا، ومن لم يقل بالحد في التعريض يقول بالتأديب فيه لأن في التعريض أذى المسلم، وقد أجمعوا على تأديب من وجد مع امرأة أجنبية في بيت والباب مغلق عليهما، وقد ثبت عن إبراهيم النخعي أنه قال في التعريض عقوبة. وقال عبد الرزاق " أنبأنا ابن جريج قلت لعطاء: فالتعريض؟ قال: ليس فيه حد، قال عطاء وعمرو بن دينار: فيه نكال " ونقل ابن التين عن الداودي أنه قال تبويب البخاري غير معتدل، قال: ولو قال: ما جاء في ذكر ما يقع في النفوس عندما يرى ما ينكره لكان صوابا. قلت: ولو سكت عن هذا لكان هو الصواب، قال ابن التين: وقد انفصل المالكية عن حديث الباب بأن الأعرابي إنما جاء مستفتيا ولم يرد بتعريضه قذفا. وحاصله أن القذف في التعريض إنما يثبت على من عرف من إرادته القذف، وهذا يقوى أن لا حد في التعريض لتعذر الاطلاع على الإرادة، والله سبحانه وتعالى أعلم. *3* الشرح: قوله (باب) بالتنوين (كم التعزير والأدب) التعزير مصدر عزره وهو مأخوذ من العزر وهو الرد والمنع، واستعمل في الدفع عن الشخص كدفع أعدائه عنه ومنعهم من إضراره، ومنه ويكون بالقول وبالفعل بحسب ما يليق به، والمراد بالأدب في الترجمة التأديب وعطفه على التعزير لأن التعزير يكون بسبب المعصية والتأديب أعم منه، ومنه تأديب الولد وتأديب المعلم، وأورد الكمية بلفظ الاستفهام إشارة إلى الاختلاف فيها كما سأذكره، وقد ذكر في الباب أربعة أحاديث. الحديث: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ حَدَّثَنَا اللَّيْثُ حَدَّثَنِي يَزِيدُ بْنُ أَبِي حَبِيبٍ عَنْ بُكَيْرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ يَسَارٍ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ أَبِي بُرْدةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ لَا يُجْلَدُ فَوْقَ عَشْرِ جَلَدَاتٍ إِلَّا فِي حَدٍّ مِنْ حُدُودِ اللَّهِ الشرح: قوله (عن بكير بن عبد الله) يعني ابن الأشج. قوله (عن سليمان بن يسار عن عبد الرحمن) في رواية عمرو بن الحارث الآتية في الباب، أن بكيرا حدثه قال: بينما أنا جالس عند سليمان بن يسار إذ جاء عبد الرحمن بن جابر فحدث سليمان بن يسار، ثم أقبل علينا سليمان فقال: حدثني عبد الرحمن. قوله (عن عبد الرحمن بن جابر بن عبد الله) في رواية الأصيلي عن أبي أحمد الجرجاني " عن عبد الرحمن عن جابر " ثم خط على قوله عن جابر فصار عن عبد الرحمن عن أبي بردة وهو صواب، وأصوب منه رواية الجمهور بلفظ " ابن " بدل " عن". قوله (عن أبي بردة) في رواية علي بن إسماعيل بن حماد عن عمرو بن علي شيخ البخاري فيه بسنده إلى عبد الرحمن بن جابر قال " حدثني رجل من الأنصار، قال أبو حفص يعني عمرو بن علي المذكور: هو أبو بردة ابن نيار أخرجه أبو نعيم. وفي رواية عمرو بن الحارث حدثني عبد الرحمن بن جابر أن أباه حديثه أنه سمع أبا بردة الأنصاري، ووقع في الطريق الثانية من رواية فضيل بن سليمان عن مسلم بن أبي مريم " حدثني عبد الرحمن بن جابر عمن سمع النبي صلى الله عليه وسلم، وقد سماه حفص بن ميسرة وهو أوثق من فضيل بن سليمان فقال فيه " عن مسلم بن أبي مريم عن عبد الرحمن بن جابر عن أبيه " أخرجه الإسماعيلي. قلت: قد رواه يحيى بن أيوب عن مسلم بن أبي مريم مثل رواية فضيلي أخرجه أبو نعيم في " المستخرج " قال الإسماعيلي: ورواه إسحاق بن راهويه عن عبد الرزاق عن ابن جريح عن مسلم بن أبي مريم عن عبد الرحمن بن جابر عن رجل من الأنصار. قلت: وهذا لا يعين أحد التفسيرين، فإن كلا من جابر وأبي بردة أنصاري، قال الإسماعيلي: لم يدخل الليث عن يزيد بين عبد الرحمن وأبي بردة أحدا وقد وافقه سعيد بن أيوب عن يزيد ثم ساقه من روايته كذلك. وحاصل الاختلاف هل هو عن صحابي مبهم أو مسمى؟ الراجح الثاني، ثم الراجح أنه أبو بردة بن نيار. وهل بين عبد الرحمن وأبي بردة واسطة وهو جابر أو لا؟ الراجح الثاني أيضا، وقد ذكر الدار قطني في " العلل " الاختلاف ثم قال: القول قول الليث ومن تابعه، وخالف ذلك في جميع كتاب التتبع فقال: القول قود عمرو بن الحارث وقد تابعة أسامة بن زيد. قلت: ولم يقدح هذا الاختلاف عن الشيخين في صحة الحديث فإنه كيفما دار يدور على ثقة، ويحتمل أن يكون عبد الرحمن وقع له فيه ما وقع لبكير بن الأشج في تحديث عبد الرحمن بن جابر لسليمان بحضرة بكير ثم تحديث سليمان بكيرا به عن عبد الرحمن، أو أن عبد الرحمن سمع أبا بردة لما حدث به أباه وثبته فيه أبوه فحدث به تارة بواسطة أبيه وتارة بغير واسطة، وادعى الأصيلي أن الحديث مضطرب فلا يحتج به لاضطرابه، وتعقب بأن عبد الرحمن ثقة فقد صرح بسماعه، وإبهام الصحابي لا يضر، وقد اتفق الشيخان على تصحيحه وهما العمدة في التصحيح، وقد وجدت له شاهدا بسند قوي لكنه مرسل أخرجه الحارث بن أبي أسامة من رواية عيد الله بن أبي بكر بن الحارث بن هشام رفعه " لا يحل أن يجلد فوق عشرة أسواط إلا في حد " وله شاهد آخر عن أبي هريرة عند ابن ماجة ستأتي الإشارة إليه. قوله (لا يجلد) بضم أوله بصيغة النفي، ولبعضهم بالجزم، ويؤيده ما وقع في الرواية التي بعدها بصيغة النهي " لا تجلدوا". قوله (فوق عشرة أسواط) في رواية يحيى بن أيوب وحفص بن ميسرة " فوق عشر جلدات " وفي رواية علي بن إسماعيل بن حماد المشار إليها " لا عقوبة فوق عشر ضربات". قوله (إلا في حد من حدود الله) ظاهره أن المراد بالحد ما ورد فيه من الشارع عدد من الجلد أو الضرب مخصوص أو عقوبة مخوصة، والمتفق عليه من ذلك الزنا والسرقة وشرب المسكر والحرابة والقذف بالزنا والقتل والقصاص في النفس والأطراف والقتل في الارتداد، واختلف في تسمية الأخيرين حدا، واختلف في أشياء كثيرة يستحق مرتكبها العقوبة هل تسمى عقوبته حدا أو لا، وهي جحد العارية واللواط وإتيان البهيمة وتحميل المرأة الفحل من البهائم عليها والسحاق وأكل الدم والميتة في حال الاختيار ولحم الخنزير، وكذا السحر والقذف بشرب الخمر وترك الصلاة تكاسلا والفطر في رمضان والتعرض بالزنا. وذهب بعضهم إلى أن المراد بالحد في حديث الباب حق الله، قال ابن دقيق العيد بلغني أن بعض العصريين قرر هذا المعنى بأن تخصيص الحد بالمقدرات المقدم ذكرها أمر اصطلاحي من الفقهاء، وأن عرف الشرع أول الأمر كان يطلق الحد على كل معصية كبرت أو صغرت، وتعقبه ابن دقيق العيد أنه خروج عن الظاهر ويحتاج إلى نقل، والأصل عدمه، قال ويرد عليه أنا إذا أجزنا في كل حق من حقوق الله أن يزاد على العشر لم يبق لنا شيء يختص المنع به، لأن ما عدا الحرمات التي لا يجوز فيها الزيادة هو ما ليس بمحرم، وأصل التعزير أنه لا يشرع فيما ليس بمحرم فلا يبقى لخصوص الزيادة معنى. قلت: والعصري المشار إليه أظنه ابن تيمية، وقد تقلد صاحبه ابن القيم المقالة المذكورة فقال: الصواب في الجواب أن المراد بالحدود هنا الحقوق التي هي أوامر الله ونواهيه، وهي المراد بقوله قلت: ويحتمل أن يفرق بين مراتب المعاصي، فما ورد فيه تقدير لا يزاد عليه وهو المستثنى في الأصل، وما لم يرد فيه تقدير فإن كان كبيرة جازت الزيادة فيه وأطلق عليه اسم الحد كما في الآيات المشار إليها والتحق بالمستثنى، وإن كان صغيرة فهو المقصود بمنع الزيادة، فهذا يدفع إيراد الشيخ تقي الدين على العصري المذكور إن كان ذلك مراده، وقد أخرج ابن ماجة من حديث أبي هريرة بالتعزير بلفظ " لا تعزروا فوق عشرة أسواط " وقد اختلف السلف في مدلول هذا الحديث فأخذ بظاهره الليث وأحمد في المشهور عنه وإسحاق وبعض الشافعية. وقال مالك والشافعي وصاحبا أبي حنيفة: تجوز الزيادة على العشر، ثم اختلفوا فقال الشافعي: لا يبلغ أدنى الحدود، وهل الاعتبار بحد الحر أو العبد؟ قولان، وفي قول أو وجه يستنبط كل تعزير من جنس حده ولا يجاوزه، وهو مقتضى قول الأوزاعي " لا يبلغ به الحد " ولم يفصل. وقال الباقون: هو إلى رأي الإمام بالغا ما بلغ وهو اختيار أبي ثور، وعن عمر أنه كتب إلي أنى موسى " لا تجلد في التعزير أكثر من عشرين " وعن عثمان ثلاثين وعن عمر أنه بلغ بالسوط مائة وكذا عن ابن مسعود وعن مالك وأبي ثور وعطاء: لا يعزر إلا من تكرر منه، ومن وقع منه مرة واحدة معصية لا حد فيها فلا يعزر، وعن أبي حنيفة لا يبلغ أربعين، وعن ابن أبي ليلى وأبي يوسف لا يزاد على خمس وتسعين جلدة. وفي رواية عن مالك وأبي يوسف لا يبلغ ثمانين، وأجابوا عن الحديث بأجوبة منها ما تقدم، ومنها قصره على الجلد وأما الضرب بالعصا مثلا وباليد فتجوز الزيادة لكن لا يجاوز أدنى الحدود، وهذا رأي الأصطخري من الشافعية وكأنه لم يقف على الرواية الواردة بلفظ الضرب، ومنها أنه منسوخ دل على نسخه إجماع الصحابة، ورد بأنه قال به بعض التابعين وهو قول الليث بن سعد أحد فقهاء الأمصار، ومنها معارضة الحديث بما هو أقوى منه وهو الإجماع على أن التعزير يخالف الحدود وحديث الباب يقتضي تحديده بالعشر فما دونها فيصير مثل الحد، وبالإجماع على أن التعزير موكول إلى رأي الإمام فيما يرجع إلى التشديد والتخفيف لا من حيث العدد لأن التعزير شرع للردع ففي الناس من يردعه الكلام ومنهم من لا يردعه الضرب الشديد، فلذلك كان تعزير كل أحد بحسبه، وتعقب بأن الحد لا يزاد فيه، ولا ينقص فاختلفا، وبأن التخفيف والتشديد مسلم لكن مع مراعاة العدد المذكور وبأن الردع لا يراعى في الأفراد بدليل أن من الناس من لا يردعه الحد، ومع ذلك لا يجمع عندهم بين الحد والتعزير، فلو نظر إلى كل فرد لقيل بالزيادة على الحد أو الجمع بين الحد والتعزير، ونقل القرطبي أن الجمهور قالوا بما دل عليه حديث الباب، وعكسه النووي وهو المعتمد فإنه لا يعرف القول به عن أحد من الصحابة، واعتذر الداودي فقال: لم يبلغ مالكا هذا الحديث فكان يرى العقوبة بقدر الذنب، وهو يقتضي أنه لو بلغه ما عدل عنه فيجب على من بلغه أن يأخذ به. الحديث: حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ حَدَّثَنَا اللَّيْثُ عَنْ عُقَيْلٍ عَنْ ابْنِ شِهَابٍ حَدَّثَنَا أَبُو سَلَمَةَ أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ الْوِصَالِ فَقَالَ لَهُ رِجَالٌ مِنْ الْمُسْلِمِينَ فَإِنَّكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ تُوَاصِلُ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَيُّكُمْ مِثْلِي إِنِّي أَبِيتُ يُطْعِمُنِي رَبِّي وَيَسْقِينِ فَلَمَّا أَبَوْا أَنْ يَنْتَهُوا عَنْ الْوِصَالِ وَاصَلَ بِهِمْ يَوْمًا ثُمَّ يَوْمًا ثُمَّ رَأَوْا الْهِلَالَ فَقَالَ لَوْ تَأَخَّرَ لَزِدْتُكُمْ كَالْمُنَكِّلِ بِهِمْ حِينَ أَبَوْا تَابَعَهُ شُعَيْبٌ وَيَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ وَيُونُسُ عَنْ الزُّهْرِيِّ وَقَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ خَالِدٍ عَنْ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ سَعِيدٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الشرح: حديث النهي عن الوصال، والغرض منه قوله " فواصل بهم كالمنكل بهم " قال ابن بطال عن المهلب: فيه أن التعزير موكول إلى رأي الإمام لقوله " لو امتد الشهر لزدت " فدلى عل أن للإمام أن يزيد في التعزير ما يراه، وهو كما قال، لكن لا يعارض الحدث المذكور لأنه ورد في عدد من الضرب أو الجلد فيتعلق بشيء محسوس، وهذا يتعلق بشيء متروك وهو الإمساك عن المفطرات والألم فيه يرجع إلى التجويع والتعطيش، وتأثيرهما في الأشخاص متفاوت جدا، والظاهر أن الذين واصل بهم كان لهم اقتدار على ذلك في الجملة فأشار إلى أن ذلك لو تمادى حتى ينتهي إلى عجزهم عنه لكان هو المؤثر في زجرهم، ويستفاد منه أن المراد من التعزير ما يحصل به الردع. وذلك ممكن في العشر بأن يختلف الحال في صفة الجلد أو الضرب تخفيفا وتشديدا والله أعلم. نعم يستفاد منه جواز التعزير بالتجويع ونحوه من الأمور المعنوية. قوله (تابعه شعيب ويحيى بن سعيد ويونس في الزهري، وفال عبد الرحمن بن خالد بن مسافر عن ابن شهاب: عن سعيد بن المسيب) أي تابعوا عقيلا في قوله عن أبي سلمة وخالفهم عبد الرحمن بن خالد فقال سعيد بن المسيب. قلت: فأما متابعة شعيب فوصلها المؤلف في كتاب الصيام، وأما متابعة يحيى بن سعيد وهو الأنصاري فوصلها الذهلي في " الزهريات " وأما متابعة يونس وهو ابن يزيد فوصلها مسلم من طريق ابن وهب عنه، وأما رواية عبد الرحمن في خالد فسيأتي الكلام عليها في كتاب الأحكام، وذكر الإسماعيلي أن أبا صالح رواه عن الليث عن عبد الرحمن المذكور فجمع فيه بين سعيد وأبي سلمة، قال: وكذا رواه عبد الرحمن بن نمر عن الزهري بسنده إليه كذلك انتهى. وقد تقدم شرج هذا الحديث في كتاب الصيام. الحديث: حَدَّثَنِي عَيَّاشُ بْنُ الْوَلِيدِ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْأَعْلَى حَدَّثَنَا مَعْمَرٌ عَنْ الزُّهْرِيِّ عَنْ سَالِمٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ أَنَّهُمْ كَانُوا يُضْرَبُونَ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا اشْتَرَوْا طَعَامًا جِزَافًا أَنْ يَبِيعُوهُ فِي مَكَانِهِمْ حَتَّى يُؤْوُوهُ إِلَى رِحَالِهِمْ الشرح: قوله (حدثني عياش) بتحتانية ثم معجمة وعبد الأعلى هو ابن عبد الأعلى البصري. قوله (عن سالم) هو ابن عبد الله بن عمر. قوله (عن عبد الله بن عمر أنهم كانوا يضربون على عهد رسول صلى الله عليه وسلم إذا اشتروا طعاما جزافا أن يبيعوه في مكانهم) في رواية أبي أحمد الجرجاني عن الفربري " سالم بن عبد الله بن عمر أنهم كانوا إلخ " فصارت صورة الإسناد الإرسال والصواب " عن سالم عن عبد الله " فتصحفت " عن " فصارت " ابن " وقد وقع في رواية مسلم عن أبي بكر بن أبي شيبة عن عبد الأعلى بهذا الإسناد " عن سالم عن ابن عمر به " وتقدم في البيوع من طريق يونس عن الزهري " أخبرني سالم بن عبد الله بن عمر قال فذكر نحوه " وتقدم شرح هذا الحدث في كتاب البيوع مستوفي، ويستفاد منه جواز تأديب من خالف الأمر الشرعي فتعاطى العقود الفاسدة بالضرب، ومشروعية إقامة المحتسب في الأسواق، والضرب المذكور محمول على من خالف الأمر بعد أن علم به. الحديث: حَدَّثَنَا عَبْدَانُ أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ أَخْبَرَنَا يُونُسُ عَنْ الزُّهْرِيِّ أَخْبَرَنِي عُرْوَةُ عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا قَالَتْ مَا انْتَقَمَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِنَفْسِهِ فِي شَيْءٍ يُؤْتَى إِلَيْهِ حَتَّى يُنْتَهَكَ مِنْ حُرُمَاتِ اللَّهِ فَيَنْتَقِمَ لِلَّهِ الشرح: قوله (عبدان) هو عبد الله بن عثمان وعبد الله هو ابن المبارك ويونس هو ابن يزيد. قوله (ما انتقم) هذا طرف من حدث أوله " ما خير رسول الله صلى الله عليه وسلم بين أمرين إلا اختار أيسرهما " أخرجه مسلم بتمامه من رواية يونس، وقد تقدم شرحه مستوفي في " باب صفة النبي صلى الله عليه وسلم " من طريق مالك عن الزهري، وقد تقدم قريبا في أوائل الحدود من طريق عقيل عن ابن شهاب. *3* الشرح: قوله (باب من أظهر الفاحشة واللطخ والتهمة بغير بينة) أي ما حكمه؟ والمراد بإظهار الفاحشة أن يتعاطى ما يدل عليها عادة من غير أن يثبت ذلك ببينه أو إقرار، واللطخ هو بفتح اللام والطاء المهملة بعدها خاء معجمة: الرمي بالشر، يقال لطخ فلان بكذا أي رمى بشر، ولطخه بكذا مخففا ومثقلا لوثه به، وبالتهمة بضم المثناة وفتح الهاء من يتهم بذلك من غير أن يتحقق فيه ولو عادة. وذكر فيه حديثين. الحديث: حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ قَالَ الزُّهْرِيُّ عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ قَالَ شَهِدْتُ الْمُتَلَاعِنَيْنِ وَأَنَا ابْنُ خَمْسَ عَشْرَةَ سَنَةً فَرَّقَ بَيْنَهُمَا فَقَالَ زَوْجُهَا كَذَبْتُ عَلَيْهَا إِنْ أَمْسَكْتُهَا قَالَ فَحَفِظْتُ ذَاكَ مِنَ الزُّهْرِيِّ إِنْ جَاءَتْ بِهِ كَذَا وَكَذَا فَهُوَ وَإِنْ جَاءَتْ بِهِ كَذَا وَكَذَا كَأَنَّهُ وَحَرَةٌ فَهُوَ وَسَمِعْتُ الزُّهْرِيَّ يَقُولُ جَاءَتْ بِهِ لِلَّذِي يُكْرَهُ الشرح: حديث سهل بن سعد في قصة المتلاعنين أورده مختصرا، وفي آخره تصريح سفيان حيث قال " حفظت من الزهري " وقد تقدم شرحه في كتاب اللعان مستوفي، وقوله "إن جاءت به كذا فهو، وإن جاءت به كذا فهو " كذا وقع بالكناية وبالاكتفاء في الموضعين، وتقدم في اللعان بيانه من طريق ابن جريح عن ابن شهاب ولفظه " إن جاءت به أحمر قصيرا كأنه وحرة فلا أراها إلا قد صدقت وكذب عليها، وإن جاءت به أسود أعين ذا أليتين فلا أراه إلا قد صدق عليها وكذبت عليه " انتهى، وعلى هذا فتقدير الكلام فهو كاذب في الأولى فهو صادق في الثانية، وعرف منه أن الضمير للزوج كأنه قال إن جاءت به أحمر فزوجها كاذب فيما رماها به، وإن جاءت به أسود فزوجها صادق. الحديث: حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ حَدَّثَنَا أَبُو الزِّنَادِ عَنْ الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ قَالَ ذَكَرَ ابْنُ عَبَّاسٍ الْمُتَلَاعِنَيْنِ فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ شَدَّادٍ هِيَ الَّتِي قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَوْ كُنْتُ رَاجِمًا امْرَأَةً عَنْ غَيْرِ بَيِّنَةٍ قَالَ لَا تِلْكَ امْرَأَةٌ أَعْلَنَتْ الشرح: حديث ابن عباس في اللعان أيضا. أورده من طريقين مختصرة ثم مطولة كلاهما من طريق القاسم بن محمد عنه، ووقع لبعضهم بإسقاط القاسم بن محمد من السند وهو غلط، وقد تقدم شرحه مستوفي أيضا في كتاب اللعان وقوله " من غير بينة " في رواية الكشميهني " عن " بدل " من " وقوله في الطريق الأخرى " ذكر المتلاعنان " في رواية الكشميهني " ذكر التلاعن". الحديث: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ حَدَّثَنَا اللَّيْثُ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْقَاسِمِ عَنْ الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا ذُكِرَ التَّلَاعُنُ عِنْدَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ عَاصِمُ بْنُ عَدِيٍّ فِي ذَلِكَ قَوْلًا ثُمَّ انْصَرَفَ وَأَتَاهُ رَجُلٌ مِنْ قَوْمِهِ يَشْكُو أَنَّهُ وَجَدَ مَعَ أَهْلِهِ رَجُلًا فَقَالَ عَاصِمٌ مَا ابْتُلِيتُ بِهَذَا إِلَّا لِقَوْلِي فَذَهَبَ بِهِ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَخْبَرَهُ بِالَّذِي وَجَدَ عَلَيْهِ امْرَأَتَهُ وَكَانَ ذَلِكَ الرَّجُلُ مُصْفَرًّا قَلِيلَ اللَّحْمِ سَبِطَ الشَّعَرِ وَكَانَ الَّذِي ادَّعَى عَلَيْهِ أَنَّهُ وَجَدَهُ عِنْدَ أَهْلِهِ آدَمَ خَدِلًا كَثِيرَ اللَّحْمِ فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اللَّهُمَّ بَيِّنْ فَوَضَعَتْ شَبِيهًا بِالرَّجُلِ الَّذِي ذَكَرَ زَوْجُهَا أَنَّهُ وَجَدَهُ عِنْدَهَا فَلَاعَنَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَيْنَهُمَا فَقَالَ رَجُلٌ لِابْنِ عَبَّاسٍ فِي الْمَجْلِسِ هِيَ الَّتِي قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَوْ رَجَمْتُ أَحَدًا بِغَيْرِ بَيِّنَةٍ رَجَمْتُ هَذِهِ فَقَالَ لَا تِلْكَ امْرَأَةٌ كَانَتْ تُظْهِرُ فِي الْإِسْلَامِ السُّوءَ الشرح: قوله (فقال رجل لابن عباس في المجلس) هو عبد الله بن شداد بن الهاد كما صرح به في الرواية التي قبلها. قوله (تلك امرأة كانت تظهر في الإسلام السوء) في رواية عروة عن ابن عباس بسند صحيح عند ابن ماجة " لو كنت راجما أحدا بغير بينة لرجمت فلانة، فقد ظهر فيها الريبة في منطقها وهيئتها ومن يدخل عليها " ولم أقف على اسم المرأة المذكورة فكأنهم تعمدوا إبهامها سترا على، قال المهلب: فيه أن الحد لا يجب على أحد بغير بينة أو إقرار ولو كان متهما بالفاحشة. وقال النووي: معنى تظهر السوء أنه اشتهر عنها وشاع ولكن لم تقم البينة عليها بذلك ولا اعترفت، فدل على أن الحد لا يجب بالاستفاضة. وقد أخرج الحاكم من طريق ابن عباس عن عمر أنه قال لرجل أقعد جاريته وقد اتهمها بالفاحشة على النار حتى احترق فرجها " هل رأيت ذلك عليها؟ قال: لا، قال: فاعترفت لك؟ قال: لا. قال: فضربه وقال: لولا أني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول لا يقاد مملوك من مالكه لأقدتها منك، " قال الحاكم صحيح الإسناد، وتعقبه الذهبي بأن في إسناده عمرو بن عيسى شيخ الليث وفيه منكر الحديث، كذا قال فأوهم أن لغيره كلاما، وليس كذلك فإنه ذكره في الميزان فقال: لا يعرف، لم يزد على ذلك، ولا يلزم من ذلك القدح فيما رواه بل يتوقف فيه. وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ فَاجْلِدُوهُمْ ثَمَانِينَ جَلْدَةً وَلَا تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهَادَةً أَبَدًا وَأُولَئِكَ هُمْ الْفَاسِقُونَ إِلَّا الَّذِينَ تَابُوا مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ وَأَصْلَحُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ إِنَّ الَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ الْغَافِلَاتِ الْمُؤْمِنَاتِ لُعِنُوا فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ الشرح: قوله (باب رمي المحصنات) أي قذفهن، والمراد الحرائر العفيفات، ولا يختص بالمزوجات بل حكم البكر كذلك بالإجماع. قوله (والذين يرمون المحصنات ثم لم يأتوا بأربعة شهداء فاجلدوهم الآية) كذا لأبي ذر والنسفي، وأما غيرهما فساقوا الآية إلى قوله (غفور رحيم) . قوله قوله (والذين يرمون أزواجهم ثم لم يأتوا الآية) كذا لأبي ذر وحده، ونبه على أنه وقع فيه وهم لأن التلاوة الحديث: حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ عَنْ ثَوْرِ بْنِ زَيْدٍ عَنْ أَبِي الْغَيْثِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ اجْتَنِبُوا السَّبْعَ الْمُوبِقَاتِ قَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ وَمَا هُنَّ قَالَ الشِّرْكُ بِاللَّهِ وَالسِّحْرُ وَقَتْلُ النَّفْسِ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَأَكْلُ الرِّبَا وَأَكْلُ مَالِ الْيَتِيمِ وَالتَّوَلِّي يَوْمَ الزَّحْفِ وَقَذْفُ الْمُحْصَنَاتِ الْمُؤْمِنَاتِ الْغَافِلَاتِ الشرح: قوله (حدثني سليمان) هو ابن بلال ولغير أبي ذر " حدثنا " وأبو الغيث هو سالم. قول (اجتنبوا السبع الموبقات) بموحدة وقاف أي المهلكات، قال المهلب: سميت بذلك لأنها سبب لإهلاك مرتكبها. قلت: والمراد بالموبقة هنا الكبيرة كما ثبت في حديث أبي هريرة من وجه آخر أخرجه البزار وابن المنذر من طريق عمر بن أبي سلمة بن عبد الرحمن عن أبيه عن أبي هريرة رفعه " الكبائر الشرك بالله وقتل النفس " الحديث مثل رواية أبي الغيث، إلا أنه ذكر بدل السحر الانتقال إلى الأعرابية بعد الهجرة. وأخرج النسائي والطبراني وصححه ابن حبان والحاكم من طريق صهيب مولى العتواريين عن أبي هريرة وأبي سعيد قالا: " قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ما من عبد يصلي الخمس ويجتنب الكبائر السبع إلا فتحت له أبواب الجنة " الحديث، ولكن لم يفسرها، والمعتمد في تفسيرها ما وقع في رواية سالم، وقد وافقه كتاب عمرو بن حزم الذي أخرجه النسائي وابن حبان في صحيحه والطبراني من طريق سليمان بن داود عن الزهري عن أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم عن أبيه عن جده قال: " كتب رسول الله صلى الله عليه وسلم كتاب الفرائض والديات والسنن وبعث به مع عمرو بن حزم إلى اليمن " الحديث بطوله، وفيه " وكان في الكتاب: وإن أكبر الكبائر الشرك " فذكر مثل حديث سالم سواء، وللطبراني من حديث سهل بن أبي خيثمة عن على رفعه " اجتنب الكبائر السبع " فذكرها لكن ذكر التعرب بعد الهجرة بدل السحر، وله في الأوسط من حديث أبي سعيد مثله وقال: " الرجوع إلى الأعراب بعد الهجرة " ولإسماعيل القاضي من طريق المطلب بن عبد الله بن حنطب عن عبد الله بن عمرو قال: " صعد النبي صلى الله عليه وسلم المنبر ثم قال أبشروا من صلى الخمس واجتنب الكبائر السبع نودي من أبواب الجنة " فقيل له: أسمعت النبي صلى الله عليه وسلم يذكرهن؟ قال: نعم، فذكر مثل حديث على سواء وقال عبد الرزاق " أنبأنا معمر عن الحسن قال الكبائر الإشراك بالله " فذكر حديث الأصول سواء إلا أنه قال: " اليمين الفاجرة " بدل السحر، ولابن عمرو فيما أخرجه البخاري في " الأدب المفرد " والطبري في التفسير وعبد الرزاق والخرائطي في " مساوئ الأخلاق " وإسماعيل القاضي في " أحكام القرآن " مرفوعا وموقوفا قال: " الكبائر تسع " فذكر السبعة المذكورة وزاد " الإلحاد في الحرم وعقوق الوالدين " ولأبي داود والطبراني من رواية عبيد بن عمير بن قتادة الليثي عن أبيه رفعه " إن أولياء الله المصلون ومن يجتنب الكبائر قالوا: ما الكبائر؟ قال: هن تسع، أعظمهن الإشراك بالله " فذكر مثل حديث ابن عمر سواء إلا أنه عبر عن الإلحاد في الحرم باستحلال البيت الحرام. وأخرج إسماعيل القاضي بسند صحيح إلى سعيد بن المسيب قال: " هن عشر " فذكر السبعة التي في الأصل وزاد " وعقوق الوالدين واليمين الغموس وشرب الخمر " ولابن أبي حاتم من طريق مالك بن حريث عن علي قال: " الكبائر " فذكر التسعة إلا مال اليتيم وزاد العقوق والتغرب بعد الهجرة وفراق الجماعة ونكث الصفقة، وللطبراني عن أبي أمامة أنهم تذاكروا الكبائر فقالوا: الشرك ومال اليتيم والفرار من الزحف والسحر والعقوق وقول الزور والغلول والزنا. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " فأين تجعلون الذين يشترون بعهد الله ثمنا قليلا". قلت وقد تقدم في كتاب الأدب عد اليمين الغموس وكذا شهادة الزور وعقوق الوالدين وعند عبد الرزاق والطبراني عن ابن مسعود " أكبر الكبائر الإشراك بالله والأمن من مكر الله والقنوط من رحمة الله واليأس من روح الله " وهو موقوف، وروى إسماعيل بسند صحيح من طريق ابن سيرين عن عبد الله بن عمرو مثل حديث الأصل لكن قال: " البهتان " بدل السحر والقذف، فسئل عن ذلك فقال: البهتان يجمع، وفي الموطأ عن النعمان بن مرة مرسلا " الزنا والسرقة وشرب الخمر فواحش " وله شاهد من حديث عمران بن حصين عند البخاري في " الأدب المفرد " والطبراني والبيهقي وسنده حسن، وتقدم حديث ابن عباس في النميمة ومن رواه بلفظ الغيبة وترك التنزه من البول كل ذلك في الطهارة، ولإسماعيل القاضي من مرسل الحسن ذكر " الزنا والسرقة " وله عن أبي إسحاق السبيعي " شتم أبي بكر وعمر " وهو لابن أبي حاتم من قول مغيرة بن مقسم. وأخرج الطبري عنه بسند صحيح " الإضرار في الوصية من الكبائر " وعنه " الجمع بين الصلاتين من غير عذر " رفعه وله شاهد أخرجه ابن أبي حاتم عن عمر قوله، وعند إسماعيل من قول ابن عمر ذكر النهبة، ومن حديث بريدة عند البزار منع فضل الماء ومنع طروق الفحل، ومن حديث أبي هريرة عند الحاكم " الصلوات كفارات إلا من ثلاث: الإشراك بالله ونكث الصفقة وترك السنة " ثم فسر نكث الصفقة بالخروج على الإمام وترك السنة بالخروج عن الجماعة أخرجه الحاكم، ومن حديث ابن عمر عند ابن مردويه " أكبر الكبائر سوء الظن بالله " ومن الضعيف في ذلك نسيان القرآن أخرجه أبو داود والترمذي عن أنس رفعه " نظرت في الذنوب فلم أر أعظم من سورة من القرآن أوتيها رجل فنسيها " وحديث " من أتى حائضا أو كاهنا فقد كفر " أخرجه الترمذي، فهذا جميع ما وقفت عليه مما ورد التصريح بأنه من الكبائر أو من أكبر الكبائر صحيحا وضعيفا مرفوعا وموقوفا، وقد تتبعته غاية التتبع، وفي بعضه ما ورد خاصا ويدخل في عموم غيره كالتسبب في لعن الوالدين وهو داخل في العقوق وقتل الولد وهو داخل في قتل النفس والزنا بحليلة الجار وهو داخل في الزنا والنهبة والغلول واسم الخيانة يشمله ويدخل الجميع في السرقة وتعلم السحر وهو داخل في السحر وشهادة الزور وهي داخلة في قول الزور ويمين الغموس وهي داخلة في اليمين الفاجرة والقنوط من رحمة الله كاليأس من روح الله، والمعتمد من كل ذلك ما ورد مرفوعا بغير تداخل من وجه صحيح وهي السبعة المذكورة في حديث الباب والانتقال عن الهجرة والزنا والسرقة والعقوق واليمين الغموس والإلحاد في الحرم وشرب الخمر وشهادة الزور والنميمة وترك التنزه من البول والغلول ونكث الصفقة وفراق الجماعة، فتلك عشرون خصلة وتتفاوت مراتبها، والمجمع على عده من ذلك أقوى من المختلف فيه إلا ما عضده القرآن أو الإجماع فيلتحق بما فوقه ويجتمع من المرفوع ومن الموقوف ما يقاربها، ويحتاج عند هذا إلى الجواب عن الحكمة في الاقتصار على سبع، ويجاب بأن مفهوم العدد ليس بحجة وهو جواب ضعيف، وبأنه أعلم أولا بالمذكورات ثم أعلم بما زاد فيجب الأخذ بالزائد، أو أن الاقتصار وقع بحسب المقام بالنسبة للسائل أو من وقعت له واقعة ونحو ذلك. وقد أخرج الطبري وإسماعيل القاضي عن ابن عباس أنه قيل له الكبائر سبع فقال: هن أكثر من سبع وسبع. وفي رواية عنه هي إلى السبعين أقرب. وفي رواية إلى السبعمائة، ويحمل كلامه على المبالغة بالنسبة إلى من اقتصر على سبع، وكأن المقتصر عليها اعتمد على حدث الباب المذكور. وإذا تقرر ذلك عرف فساد من عرف الكبيرة بأنها ما وجب فيما الحد، لأن أكثر المذكورات لا يجب فيها الحد، قال الرافعي في الشرح الكبير: الكبيرة هي الموجبة للحد، وقيل ما يلحق الوعيد بصاحبه بنص كتاب أو سنة، هذا أكثر ما يوجد للأصحاب وهم إلى ترجيح الأول أميل، لكن الثاني أوفق لما ذكروه عند تفصيل الكبائر، وقد أقره في الروضة، وهو يشعر بأنه لا يوجد عن أحد من الشافعية الجمع بين التعريفين، وليس كذلك، فقد قال الماوردي في " الحاوي ": هي ما يوجب الحد أو توجه إليها الوعيد، وأوفى كلامه للتنويع لا للشك، وكيف يقول عالم إن الكبيرة ما ورد فيه الحد مع التصريح في الصحيحين بالعقوق واليمين الغموس وشهادة الزور وغير ذلك، والأصل فيما ذكره الرافعي قول البغوي في " التهذيب " من ارتكب كبيرة من زنا أو لواط أو شرب خمر أو غصب أو سرقة أو قتل بغير حق ترد شهادته وإن فعله مرة واحدة، ثم قال: فكل ما يوجب الحد من المعاصي فهو كبيرة، وقيل ما يلحق الوعيد بصاحبه بنص كتاب أو سنة انتهى. والكلام الأول لا يقتضي الحصر، والثاني هو المعتمد. وقال ابن عبد السلام: لم أقف عل ضابط الكبيرة يعني يسلم من الاعتراض، قال: والأولى ضبطها بما يشعر بتهاون مرتكبها إشعار أصغر الكبائر المنصوص عليها، قال وضبطها بعضهم بكل ذنب قرن به وعيد أو لعن. قلت: وهذا أشمل من غيره، ولا يرد عليه إخلاله بما فيه حد، لأن كل ما ثبت فيه الحد لا يخلو من ورود الوعيد على فعله، ويدخل فيه ترك الواجبات الفورية منها مطلقا والمتراخية إذا تضيقت. وقال ابن الصلاح: لها أمارات منها إيجاب الحد، ومنها الإيعاد عليها بالعذاب بالنار ونحوها في الكتاب أو السنة، ومنها وصف صاحبها بالفسق، ومنها اللعن، قلت: وهذا أوسع مما قبله. وقد أخرج إسماعيل القاضي بسند فيه ابن لهيعة عن أبي سعيد مرفوعا " الكبائر كل ذنب أدخل صاحبه النار " وبسند صحيح عن الحسن البصري قال " كل ذنب نسبه الله تعالى إلى النار فهو كبيرة " ومن أحسن التعاريف قول القرطبي في المفهم " كل ذنب أطلق عليه بنص كتاب أو سنة أو إجماع أنه كبيرة أو عظيم أو أخبر فيه بشدة العقاب أو علق عليه الحد أو شدد النكير عليه فهو كبيرة " وعلى هذا فينبغي تتبع ما ورد فيه الوعيد أو العن أو الفسق من القرآن أو الأحاديث الصحيحة والحسنة ويضم إلى ما ورد فيه التنصيص في القرآن والأحاديث الصحاح والحسان على أنه كبيرة، فمهما بلغ مجموع ذلك عرف منه تحير عدها، وقد شرعت في جمع ذلك، وأسأل الله الإعانة على تحريره بمنه وكرمه. وقال الحليمي في " المنهاج " ما من ذنب إلا وفيه صغيرة وكبيرة، وقد تنقلب الصغيرة كبيرة بقرينة تضم إليها، وتنقلب الكبيرة فاحشة كذلك، إلا الكفر بالله فإنه أفحش الكبائر وليس من نوعه صغيرة، قلت: ومع ذلك فهو ينقسم إلى فاحش وأفحش. ثم ذكر الحليمي أمثلة لما قال فالثاني كقتل النفس بغير حق فإنه كبيرة، فإن قتل أصلا أو فرعا أو ذا رحم أو بالحرم أو بالشهر الحرام فهو فاحشة. والزنا كبيرة، فإن كان بحليلة الجار أو بذات رحم أو في شهر رمضان أو في الحرم فهو فاحشة. وشرب الخمر كبيرة، فإن كان في شهر رمضان نهارا أو في الحرم أو جاهر به فهو فاحشة. والأول كالمفاخذة مع الأجنبية صغيرة، فإن كان مع امرأة الأب أو حليلة الابن أو ذات رحم فكبيرة. وسرقة ما دون النصاب صغيرة، فإن كان المسروق منه لا يملك غيره وأفضى به عدمه إلى الضعف فهو كبيرة. وأطال في أمثلة ذلك. وفي الكثير منه ما يتعقب، لكن هذا عنوانه، وهو منهج حسن لا بأس باعتباره، ومداره على شدة المفسدة وخفتها والله أعلم. (تنبيه) : يأتي القول في تعظيم قتل النفس في الكتاب الذي بعد هذا، وتقدم الكلام على السحر في آخر كتاب الطب، وعلى أكل مال اليتيم في كتاب الوصايا، وعلى أكل الربا في كتاب البيوع، وعلى التولي يوم الزحف في كتاب الجهاد، وذكر هنا قذف المحصنات. وقد شرط القاضي أبو سعيد الهروي في " أدب القضاء " أن شرط كون غصب المال كبيرة أن يبلغ نصابا، ويطرد في السرقة وغيرها، وأطلق في ذلك جماعة، ويطرد في أكل مال اليتيم وجميع أنواع الجناية. والله أعلم. الشرح: قوله (باب قذف العبيد) أي الأرقاء. عبر بالعبيد اتباعا للفظ الخبر، وحكم الأمة والعبد في ذلك سواء، والمراد بلفظ الترجمة الإضافة للمفعول بدليل ما تضمنه حديث الباب، ويحتمل إرادة الإضافة للفاعل، والحكم فيه أن على العبد إذا قذف نصف ما على الحر ذكرا كان أو أنثى، وهذا قول الجمهور. وعن عمر بن عبد العزيز والزهري وطائفة يسيرة والأوزاعي وأهل الظاهر: حده ثمانون، وخالفهم ابن حزم فوافق الجمهور. الحديث: حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ عَنْ فُضَيْلِ بْنِ غَزْوَانَ عَنْ ابْنِ أَبِي نُعْمٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا الْقَاسِمِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ مَنْ قَذَفَ مَمْلُوكَهُ وَهُوَ بَرِيءٌ مِمَّا قَالَ جُلِدَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِلَّا أَنْ يَكُونَ كَمَا قَالَ الشرح: قوله (عن ابن أبي نعم) هو ابن عبد الرحمن. قوله (عن أبي هريرة) في رواية الإسماعيلي من طريق محمد بن خلاد وعلي بن المديني كلاهما عن يحيى بن سعيد وهو القطان بهذا السند " حدثنا أبو هريرة". قوله (سمعت أبا القاسم) في رواية الإسماعيلي " حدثنا أبو القاسم نبي التوبة". قوله (من قذف كل مملوكه) في رواية الإسماعيلي " من قذف عبده بشيء". قوله (وهو برئ مما قال) جملة حالية، وقوله "إلا أن يكون كما قال " أي فلا يجلد. وفي رواية النسائي من هذا الوجه " أقام عليه الحد يوم القيامة " وأخرج من حديث ابن عمر " من قذف مملوكه كان لله في ظهره حد يوم القيامة إن شاء أخذه وإن شاء عفا عنه " فال المهلب: أجمعوا على أن الحر إذا قذف عبدا لم يجب عليه الحد. ودل هذا الحديث عل ذلك لأنه لو وجب على السيد أن يجلد في قذف عبده في الدنيا لذكره كما ذكره في الآخرة، وإنما خص ذلك بالآخرة تمييزا للأحرار من المملوكين، فأما في الآخرة فإن ملكهم يزول عنهم ويتكافئون في الحدود، ويقتص لكل منهم إلا أن يعفو، ولا مفاضلة حينئذ إلا بالتقوى. قلت: في نقله الإجماع نظر، فقد أخرج عبد الرزاق عن معمر عن أيوب عن نافع " سئل ابن عمر عمن قذف أم ولد لآخر فقال: يضرب الحد صاغرا " وهذا بسند صحيح وبه قال الحسن وأهل الظاهر. وقال ابن المنذر: اختلفوا فيمن قذف أم ولد فقال مالك وجماعة: يجب فيه الحد، وهو قياس قول الشافعي بعد موت السيد، وكذا كل من يقول إنها عتقت بموت السيد. وعن الحسن البصري أنه كان لا يرى الحد من قاذف أم الولد. وقال مالك والشافعي: من قذف حرا يظنه عبدا وجب عليه الحد. *3* وَقَدْ فَعَلَهُ عُمَرُ الشرح: قوله (باب هل يأمر الإمام رجلا فيضرب الحد غائبا عنه) تقدم الكلام على هذه الترجمة، وهل هو مكروه أولا قريبا. قوله (وقد فعله عمر) ثبت هذا التعليق في رواية الكشميهني، وقد ورد ذلك عن عمر في عدة آثار منها ما أخرجه سعيد بن منصور بسند صحيح عن عمر أنه كتب إلى عامله إن عاد فحدوه ذكره في قصة طويلة، وتقدم الكلام على حديث سهل بن سعد المذكور في الباب في قصة العسيف ولله الحمد، ومحمد ابن يوسف شيخه فيه هو الفريابي كما جزم به أبو نعيم في " المستخرج" الحديث: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ حَدَّثَنَا ابْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ الزُّهْرِيِّ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ وَزَيْدِ بْنِ خَالِدٍ الْجُهَنِيِّ قَالَا جَاءَ رَجُلٌ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ أَنْشُدُكَ اللَّهَ إِلَّا قَضَيْتَ بَيْنَنَا بِكِتَابِ اللَّهِ فَقَامَ خَصْمُهُ وَكَانَ أَفْقَهَ مِنْهُ فَقَالَ صَدَقَ اقْضِ بَيْنَنَا بِكِتَابِ اللَّهِ وَأْذَنْ لِي يَا رَسُولَ اللَّهِ فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قُلْ فَقَالَ إِنَّ ابْنِي كَانَ عَسِيفًا فِي أَهْلِ هَذَا فَزَنَى بِامْرَأَتِهِ فَافْتَدَيْتُ مِنْهُ بِمِائَةِ شَاةٍ وَخَادِمٍ وَإِنِّي سَأَلْتُ رِجَالًا مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ فَأَخْبَرُونِي أَنَّ عَلَى ابْنِي جَلْدَ مِائَةٍ وَتَغْرِيبَ عَامٍ وَأَنَّ عَلَى امْرَأَةِ هَذَا الرَّجْمَ فَقَالَ وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَأَقْضِيَنَّ بَيْنَكُمَا بِكِتَابِ اللَّهِ الْمِائَةُ وَالْخَادِمُ رَدٌّ عَلَيْكَ وَعَلَى ابْنِكَ جَلْدُ مِائَةٍ وَتَغْرِيبُ عَامٍ وَيَا أُنَيْسُ اغْدُ عَلَى امْرَأَةِ هَذَا فَسَلْهَا فَإِنْ اعْتَرَفَتْ فَارْجُمْهَا فَاعْتَرَفَتْ فَرَجَمَهَا الشرح: وقوله في هذه الرواية " حدثنا ابن عيينة عن الزهري عن عبيد الله بن عبد الله " وقع عند الإسماعيلي من طريق العباس بن الوليد النرسي عن ابن عيينة " قال الزهري كنت أحسب أني قد أصبت من العلم، فلما لقيت عبيد الله كأنما كنت أفجر به بحرا " فذكر الحديث، وفيه إيماء إلى أنه لم يحمل هذا الحديث تاما إلا عن عبيد الله المذكور وهو أحد الفقهاء السبعة من أهل المدينة.
|